وأنت خبير بما فيه:
أما أول الوجوه: فلأن الأوامر والنواهي الإرشادية ليست مستعملة في النهي الإرشادي، ولا تنسلخ عن حقائقها ومعانيها، أي البعث والزجر، غاية الأمر أن البعث والزجر في وادي المركبات يفهم منها الإرشاد، فمعنى (لاتصل في وبر ما لا يؤكل) هو النهي حقيقة عن الصلاة فيه، لكن العرف يفهم من هذا أن تعلق النهي والزجر عن الصلاة فيه ليس لأجل مفسدة ذاتية فيه، بل لأجل مانعيته عنها، فحينئذ يكون الإرشاد إلى الجزئية وغيرها بمقدار إمكان تعلق النهي، وإلا فلا وجه للإرشاد ولا دليل عليه.
وأما ثاني الوجوه: فلأن استفادة الجزئية تبع لتعلق التكليف، فحينئذ لو سلم نظرية الامتناع، فالعقل - بعد النظر إلى المبادئ - يحكم حكما جازما على هذا المبنى بامتناع صدور التكليف متوجها إلى الغافل والساهي، ومعه كيف يمكن انتزاع الوضع مع فقد منشئه؟! وما قرع الأسماع من التفكيك في حجية الظهور بين الملزوم واللازم ليس في مثل المقام، كما يظهر بالتأمل.
وأما ثالثها: فلأن كشف الملاك والمصلحة من إطلاق المادة، إنما هو في مورد تعلق التكليف بها مطلقا، لأن كشف المصلحة على مذهب العدلية إنما هو من الأمر والطلب الحقيقي، ومع امتناع ذلك لا يمكن الكشف.
نعم قد يقطع بوجود الملاك في بعض الموارد، وهو خارج عما نحن فيه، فتدبر.