إلى الحكم، فيقتضي اتحاد السياق أن يراد من قوله: (ما لا يعلمون) أيضا كل فرد من أفراد هذا العنوان.
ألا ترى أنه إذا قيل: " ما يؤكل وما يرى " في قضية واحدة، لا يوجب انحصار أفراد الأول في الخارج ببعض الأشياء تخصيص الثاني بذلك البعض (1)
(١) وإن شئت قلت: إن الموصول في تمام الفقرات مستعمل في معناه، وكذا الصلات، ولا يكون شئ منها مستعملا في المصاديق الخارجية، والاختلاف بينها إنما هو في تطبيق العناوين على الخارجيات، وهو غير مربوط بمقام الاستعمال ووحدة السياق، وكثيرا ما يقع هذا الخلط، أي بين المستعمل فيه وما ينطبق عليه، كما في باب الإطلاق، حيث توهم إفادة العموم لأجل الخلط بين الدلالة وانطباق المدلول على الخارج.
وأما ما أفاد بعضهم من إنكار وحدة السياق في الحديث أولا لشهادة الطيرة والحسد والوسوسة، مع أنها ليست من الأفعال، وبلزوم ارتكاب خلاف وحدة السياق لو أريد الشبهة الموضوعية ثانيا، لأن الظاهر من الموصول في " مالا يعلمون " هو ما كان بنفسه غير معلوم، كما في غيره من العناوين، حيث كان الموصول فيها معروضا للأوصاف، مع أن تخصيص الموصول بالشبهات الموضوعية ينافي هذا الظهور، إذ لا يكون الفعل بنفسه معروضا للجهل، وإنما المعروض هو عنوانه، ولازم ذلك حفظا لظهور السياق أن يحمل الموصول على الشبهات الحكمية فقط، للترجيح العرفي بين السياقين (أ) انتهى.
ففيه أولا: أن المدعى وحدة السياق في الموصولات، لا جميع الفقرات.
وثانيا: أن الفقرات الثلاث - أيضا - يراد بها الأفعال، غاية الأمر أنها من قبيل الأفعال القلبية، ولهذا تقع موردا للتكليف، فالحسد عمل قلبي، هو تمني زوال النعمة عن الغير، والطيرة مصدر، وهي عمل قلبي، وهكذا الوسوسة.
وثالثا: أن الشرب مجهول حقيقة، وإن كانت الإضافة صارت موجبة لتعلق الجهل به، فالعنوان من قبيل الواسطة في الثبوت لا العروض، ومثله لا يكون خلاف الظاهر والسياق.
ورابعا: بعد التسليم لا يوجب ذلك الاختصاص بالشبهة الحكمية، لأن الرفع ادعائي،