حسن الاستعمال هو الإرادة الاستعمالية وحصول المناسبات في تلك المرحلة، فالرفع إنما استعمل باعتبار رفع الحكم القانوني العام عن منطبق هذه العناوين، ولا معنى للدفع في هذا المقام.
نعم، بناء على عدم جواز خطاب الناسي يكون الرفع في الأحكام التكليفية البعثية بالنسبة إليه في غير مورده بناء على هذا الوجه.
هذا، وأما في الطيرة والحسد والوسوسة في الخلق، فالظاهر أن استعمال الرفع فيها - أيضا - بمعناه الحقيقي، وذلك لأن الظاهر من الحديث الشريف - من اختصاص رفع التسعة بالأمة المرحومة - أن لتلك العناوين كانت أحكام في الأمم السالفة، ومعلوم أن الأحكام الصادرة عن الأنبياء المشرعين - على نبينا وآله وعليهم السلام - لم تكن بحسب الوضع القانوني والإرادة الاستعمالية مقيدة بزمان ومحدودة بحد، بل كان لها الإطلاق أو العموم بالنسبة إلى جميع الأزمنة، وبهذا الاعتبار يقال: إنها منسوخة، وإن لم يكن بحسب اللب نسخ ورفع، بل كان أمدها وأجلها إلى حد محدود، فإذا كان للأحكام المترتبة على تلك الموضوعات إطلاق أو عموم بالنسبة إلى جميع الأزمنة، يكون استعمال الرفع فيها بمعناه الحقيقي، ولا يكون للدفع معنى بالنسبة إليها إلا بحسب اللب والواقع، وهو ليس مناط صحة الاستعمالات.
ولا يخفى أن هذا الوجه يأتي بالنسبة إلى جميع العناوين، فإن الظاهر أن لجميعها أحكام رفعت عن هذه الأمة امتنانا، ولولا ذلك كانت ثابتة لها كالتي قبلها.