وأما في (ما لا يعلمون) بالنسبة إلى الشبهات الحكمية، فإن قلنا بإطلاق الأحكام بالنسبة إلى العالم والجاهل - كما هو التحقيق، وأشرنا إليه فيما سلف (1) - فالأمر واضح.
وإن قلنا بعدم الإطلاق فلا إشكال في قيام الإجماع - بل الضرورة - على اشتراكهما في الحكم، فبهذا الاعتبار يصح استعمال الرفع فيه، تأمل.
فتحصل من جميع ما ذكرنا: أن الرفع إنما هو بمعناه الحقيقي، سواء قلنا بتقدير الأحكام - كما قيل - أولا، كما هو التحقيق.
وبما حققناه يظهر النظر فيما أفاده بعض أعاظم العصر رحمه الله - على ما في تقريرات بحثه - من أن الرفع في الأشياء التسعة بمعنى الدفع، مضافا إلى ما ادعى من أن استعمال الرفع مكان الدفع ليس مجازا، ولا يحتاج إلى عناية أصلا، فإن الرفع في الحقيقة يمنع ويدفع المقتضى عن التأثير في الزمان اللاحق، لأن بقاء الشئ - كحدوثه - يحتاج إلى علة البقاء، فالرفع في مرتبة وروده على الشئ إنما يكون دفعا حقيقة باعتبار علة البقاء، وإن كان رفعا باعتبار الوجود السابق، فاستعمال الرفع في مقام الدفع لا يحتاج إلى علاقة المجاز، بل لا يحتاج إلى عناية أصلا، بل لا يكون خلاف ما يقتضيه ظاهر اللفظ، لأن غلبة استعمال الرفع فيما يكون له وجود سابق لا يقتضي ظهوره في ذلك (2) انتهى.