عالم الاعتبار لم يكن له وجود، فإن ما لا وحدة له لا وجود له، وإنما تحصل الوحدة بذهاب حكم الأجزاء وحصول صورة أخرى مجملة غير صورة الأجزاء، أي المفصلات.
الثانية: أن كيفية تحصل المركب في ذهن الآمر غالبا إنما تكون عكس كيفية إتيانه في الخارج، بمعنى أن المكلف إذا هم بإتيان مركب تتعلق إرادته أولا بوجوده الوحداني، غافلا عن أجزائه وشرائطه، ثم ينتقل منه إليها، وتتولد إرادات أخرى متعلقة بها على وجه يحصل المركب منها، فإذا هم بإتيان الصلاة تتعلق إرادته أولا بأصل طبيعتها من غير تعلق بالأجزاء، ويكون المحرك للعبد الأمر المتعلق بالطبيعة، ولما رئي أنها لا تحصل إلا بإتيان أجزائها وشرائطها على طبق المقرر الشرعي تتولد إرادات تبعية متعلقة بها.
وأما الآمر إذا هم بتعليق الأمر بالمركب فلابد له - غالبا - من تصور الأجزاء والشرائط أولا مستقلا، ثم ترتيبها حسب ما تقتضي المصلحة والملاك النفس الأمريين ثم لحاظها على نعت الوحدة وإفناء الكثرات فيها ليحصل المركب الاعتباري، ثم يجعلها موضوعا للأمر ومتعلقا للإرادة، فالامر ينتهي من الكثرة إلى الوحدة غالبا، والمأمور من الوحدة إلى الكثرة (1).
(أ) ثم إن الصور في المركبات الاعتبارية غير مغايرة للأجزاء بالأسر، بل هي هي، والاختلاف بينهما بالوحدة والكثرة، فلا تكون صور المركبات بالنسبة إلى أجزائها كالمحصل والمحصل، ضرورة أن الأمر لم يتعلق بأمر خارج من الأجزاء تكون هي محصلة له، فالأمر بالعشرة عين الأمر بالوحدات في لحاظ الكثرة.
وبالجملة: الفرق بينهما بالوحدة والكثرة والإجمال والتفصيل، لا بالمحصلية والمحصلية.