ونفس ذات المهية عبارة أخرى عن المهية التي لم يلحظ معها شئ بنحو السلب البسيط، لا الإيجاب العدولي، وأقسام المهية - أي بشرط شئ، وبشرط لا، ولا بشرط - من الاعتبارات الواردة على نفس المهية، وتكون تلك الأقسام متقومة بالاعتبار الذهني، وليس لها وجود في الخارج حتى المهية بشرط شئ، فإن المهية الملحوظة بشرط شئ إنما تتقوم باللحاظ.
وما قيل: إن اللحاظ حرفي لا اسمي، أو أن هذه الاعتبارات مصححة لموضوعية الموضوع على الوجه المطلوب، لا أنها مأخوذة فيه (1) مما لا ينبغي أن يصغى إليه، فإن تحصل الأقسام الثلاثة للماهية ليس إلا بتلك الاعتبارات، وهذه الاعتبارات مقومة للأقسام، وما هو موجود في الخارج لم يكن إلا نفس المهية، لا المهية بشرط الوجود التي هي إحدى أقسامها واعتباراتها، وإنما خرجت المهية عن كونها من حيث هي بالوجود لاقبله، كما أن الاعتبارات الملحقة بالمهية تخرجها عن كونها من حيث هي، لا أنها خرجت عن نفس كونها مهية من حيث هي قبل الاعتبارات، وتكون هي واردة على المهية الملحوظة بالقياس إلى أمر خارج عن ذاتها، كما ذهب إليه بعض أعاظم فن المعقول على ما قيل (2) وتبعه بعض محققي محشي الكفاية (3) ممن له حظ من هذا الفن.