بمناسبة الحكم والموضوع، وكيفية التعبير - أن التعذيب قبل البيان مناف لمقامه الشامخ، وهو منة ثابتة وسنة جارية إلى نفخ الصور، فهل ترى أنه - تعالى - رفع العقوبة الدنيوية - من مثل تسليط الوزغة في أيام معدودة محدودة - منة على عباده، ثم أخبر بأن ذلك أي هذه التعذيبات اليسيرة منافية لمقام رحمته وإفضاله، ثم عذب العباد قبل البيان بالنار التي تطلع على الأفئدة وبأنواع العقوبات العجيبة الخالدة الأخروية؟!
وبالجملة: يفهم من الآية - ولو بإلقاء الخصوصية ومؤنة مناسبة الحكم والموضوع - أن التعذيب قبل البيان لم يقع، ولا يقع أبدأ.
وعلى الإشكال الثاني:
أن توقف الاستدلال بها على ما ذكر - وكون النزاع في البراءة إنما هو في استحقاق العقوبة لا فعليتها - غير مسلم، فإن نزاع الأصولي والأخباري إنما هو في لزوم الاحتياط في الشبهات وعدمه، وبعد ثبوت المؤمن من قبل الله لا نرى بأسا في ارتكابها، فشرب التتن المشتبه حرمته إذا كان ارتكابه مما لاعقاب فيه - ولو بمؤمن شرعي وترخيص إلهي - ليس في ارتكابه محذور عند العقل.
وبالجملة: رفع العقوبة الفعلية وحصول المؤمن من عذاب الله يكفي القائل بالبراءة في تجويز ارتكاب الشبهات وإن لم يثبت بها الإباحة، ولذا ترى يستدلون بحديث الرفع وأمثاله للبراءة ولو مع تسليم كون مفاده