تارة: بأنها مربوطة بنفي تعذيب الأمم السالفة قبل بعث الرسل (1) فهي أجنبية عما نحن فيه.
واخرى: بأن الاستدلال بها لما نحن فيه متقوم بكونها في مقام نفي الاستحقاق، لانفي الفعلية، لأن النزاع في البراءة إنما هو في استحقاق العقاب على ارتكاب المشتبه وعدمه، لافي فعلية العقاب (2).
هذا، ويرد على الإشكال الأول:
أولا: بمنع كونها مربوطة بالأمم السالفة، بل الظاهر من الآيات المتقدمة عليها أنه عند الحساب يقال للإنسان الذي الزم طائره في عنقه: * (اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا) * (3) وترى أن الجزاء على ميزان العدل، من غير أن تزر وازرة وزر أخرى، ومن غير أن يكون التعذيب بلا تمامية التبليغ وإرسال الرسول وإيصال التكليف، فلا دلالة فيها على كونها راجعة إلى الأمم. ولا دلالة لقوله: * (مما كنا) * بصيغة الماضي على ذلك، فإن النظر إلى يوم الحساب، ويعتبر المضي بالنسبة إليه، ولذا قال: * (وكل إنسان ألزمناه طائره) * (4) مع أن زمان صدور الآية لم يكن كذلك إلا بتأويل.
وثانيا: لو سلم بأن موردها نفي تعذيب الأمم السالفة، لكن يفهم منها - ولو