وإما آية النبأ (1):
والإجماع مفقود في المقام، بل يمكن دعوى الإجماع على خلافه.
والآية بملاحظة ذيلها من التعليل مختصة بالواجبات والمحرمات.
ولكن الإنصاف: أن ما أفاده لا يخلو من ضعف، فإن الدليل على اعتبار الشرائط لا ينحصر بالإجماع والآية، بل العمدة هي الأخبار المتضافرة أو المتواترة، وهي تعم المستحبات... إلى أن قال: ولا يبعد أن يكون هذا الوجه أقرب، كما عليه المشهور (2) انتهى كلامه.
وفيه أولا: أن هذا الاحتمال بعيد غايته عن مساق الأخبار، فإن لسان إعطاء الحجية هو إلقاء احتمال الخلاف، وكون المؤدى هو الواقع، وهو ينافي فرض عدم كون الحديث كما بلغه، أو فرض عدم صدوره عن رسول الله - صلى الله عليه وآله - فلو جمع قائل بين قوله: " خذ معالم دينك من فلان، وأن ما يؤدي عني فعني يؤدي "، وبين قوله: " وإن لم يكن المؤدى عني "، جمع بين المتنافيين، فلسان أدلة (من بلغ) آبية عن جعل الحجية والطريقية.
وثانيا: أن جعل أخبار (من بلغ) مخصصة أو معارضة لأدلة اعتبار قول الثقة، في غير موقعه، لأن أخبار (من بلغ) وما دل على الاعتبار - سوى منطوق آية النبأ - متوافقان، ولا استبعاد في أن يكون خبر الثقة مطلقا حجة، والخبر مطلقا حجة في المستحبات، وليس - على الظاهر - في أخبار الاعتبار