فيه الحكم الترخيصي الإباحي على أمر وجودي، فإنها هي فيما إذا كان الحكم لأجل التسهيل والامتنان - غريب منه، لخلو هذه الدعوى عن الشاهد، بل هي دعوى مجردة لا دليل عليها من عقل ونقل وحكم عقلائي، وإن كان أمثاله منه - قدس سره - غير عزيز.
مضافا إلى أن الامتنان والتسهيل يقتضيان التوسعة، لا التضييق، فإذا علق حكم اعتصام الماء على الكرية - امتنانا على العباد - لا يقتضي ذلك أن يكون الأمر مضيقا عليهم، بحيث لا يحكم بعدم الانفعال إلا مع إحراز الكرية.
ولعمري إن ما ذكره هاهنا لا يخلو من قصور وخلط، فما هذا الحكم الترخيصي الامتناني في قوله: (لا يحل مال إلا من حيث ما أحله الله) (1) أو (لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفسه) (2) أو فيما علق جواز الوطء على الزوجية وملك اليمين؟! فإن كل ذلك من الأحكام التضييقية، لا التسهيلية الامتنانية.
ورابعا: أن ما أفاد - من أن الطيب أمر عدمي هو ما لا تستقذره النفس، ولا يستنفر منه الطبع - ممنوع، لأن حقيقة الطيب ليست عبارة عن عدم الاستقذار والاستنفار، بل هما من لوازم الطيب، بل هو عبارة عن صفة وحالة وجودية يكون الطبع غير مستنفر منها.