ما دل على عدم اعتبار قول الفاسق أو غير الثقة، إلا إشعارات أو ما هو قابل للمناقشة، فالنسبة بينهما وإن كانت عموما من وجه، لكنهما متوافقتان من غير تعارض بينهما.
وثالثا: حكومة أخبار (من بلغ) على تلك الأخبار ممنوعة، لفقدان مناط الحكومة، وما أدعى - من أن أخبار (من بلغ) ناظرة إلى إلقاء الشرائط - فيه ما لا يخفى.
وبالجملة: تحكيمها عليها مما لاوجه له، فإن مفادها - بعد التسليم - حجية قول المخبر [في] المستحبات مطلقا، ومفاد أدلة اعتبار قول الثقة حجية قول الثقة مطلقا، وليس إحدى الطائفتين ناظرة إلى الأخرى، ولا متصرفة في جهة من جهاتها مما هي دخيلة في الحكومة.
ورابعا: أن ما أفاده - من ترجيح أدلة (من بلغ) لعمل المشهور بها - ليس على ما ينبغي، لعدم معلومية وجه فتواهم، ولعلهم عملوا بها لأجل عدم فهم التنافي بينهما، كما أشرنا إليه، أو لعل فتواهم بالاستحباب لأجل ذهابهم إلى أن نفس البلوغ من أي مخبر موضوع لاستحباب المضمون، وموجب لحدوث المصلحة فيه.
وما أدعى - من أن ظاهر عنوان المشهور لا ينطبق إلا على القول بالقاء شرائط الحجية في الخبر القائم على الاستحباب، حيث إن بناءهم على التسامح في أدلة السنن - ممنوعة، لأن التسامح في أدلة السنن كما يمكن أن يكون لأجل إلقاء شرائط الحجية، يمكن أن يكون لأجل ما ذكرنا.