الطبيعة - أي إيجادها - والنهي زاجرا عنها، من غير لحاظ شئ في جانب المأمور به والمنهي عنه إلا نفس الطبيعة، فلازمه العقلي في جانب الأمر أن يسقط بأول الوجودات، لتحقق تمام متعلق الأمر، وهو نفس الطبيعة بلا شرط واعتبار زائد.
وإذا (1) أتى بعدة أفراد دفعة يكون المطلوب كل واحد منها، ويكون مطيعا بالنسبة إلى كل فرد منها، فإن الطبيعة تتكثر بتكثر الأفراد، والأمر قد تعلق بنفس الطبيعة القابلة للكثرة، وإنما يسقط الأمر بأول الوجودات لا لقصور في ناحية الطبيعة، بل لقصور مقتضى الأمر.
والفرق بين المقام وبين ما إذا تعلق بالصرف: أن الصرف غير قابل للتكرار والتكثر، وأما نفس الطبيعة فقابلة لهما، وتكون متكثرة بتكثر الأفراد، ولازمه انطباق المأمور به على كل واحد منها، وحصول الإطاعة بكل واحد منها.
وإذا أتى المكلف بواحد من الأفراد وترك الباقي يكون مطيعا محضا، لأن الإتيان بالفرد إتيان بتمام مقتضى الأمر.
وأما في جانب النهي، فالزجر عن الطبيعة والمنع عن تحققها زجر ومنع عن جميع الأفراد عقلا، لأن كل فرد هو الطبيعة نفسها، فإذا عصى العبد وأتى بفرد منها لم يسقط النهي، لأن النهى ليس - طلب الترك (2) حتى يقال:
تحقق مطلوبه، والعصيان لا يمكن أن يصير مسقطا للأمر ولا للنهي، وما هو