وخلق الأوصياء على الوصية فلا يكونون إلا أوصياء، وأعار قوما إيمانا فإن شاء تممه لهم وإن شاء سلبهم إياه، قال: وفيهم جرى قوله: فمستقر ومستودع.
وذكرت أن أمورا قد أشكلت عليك لا تعرف حقائقها لاختلاف الرواية فيها، وأ نك تعلم أن اختلاف الرواية فيها لاختلاف عللها وأسبابها، وأ نك لا تجد بحضرتك من تذاكره وتفاوضه ممن تثق بعلمه فيها. وقلت: إنك تحب أن يكون عندك كتاب كاف يجمع [فيه] (1) من جميع فنون علم الدين ما يكتفي به المتعلم ويرجع إليه المسترشد ويأخذ منه من يريد علم الدين والعمل به بالآثار الصحيحة عن الصادقين (عليهم السلام) والسنن القائمة التي عليها العمل وبها يؤدى فرض الله عز وجل وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله) وقلت: لو كان ذلك رجوت أن يكون ذلك سببا يتدارك الله بمعونته وتوفيقه إخواننا وأهل ملتنا ويقبل بهم إلى مراشدهم.
فاعلم يا أخي أرشدك الله! أنه لا يسع أحدا تمييز شيء مما اختلفت الرواية فيه عن العلماء (عليهم السلام) برأيه إلا على ما أطلقه العالم بقوله (عليه السلام): " اعرضوهما على كتاب الله فما وافق كتاب الله عز وجل فخذوه وما خالف كتاب الله فردوه " وقوله (عليه السلام):
" دعوا ما وافق القوم، فإن الرشد في خلافهم " وقوله (عليه السلام): " خذوا بالمجمع عليه، فإن المجمع عليه لا ريب فيه " ونحن لا نعرف من جميع ذلك إلا أقله، ولا نجد شيئا أحوط ولا أوسع من رد علم ذلك كله إلى العالم (عليه السلام) وقبول ما وسع من الأمر فيه بقوله (عليه السلام): " بأيهما أخذت من باب التسليم وسعكم ".
وقد يسر الله - وله الحمد - تأليف ما سألت، وأرجو أن يكون بحيث توخيت، فمهما كان فيه من تقصير فلم تقتصر نيتنا في إهداء النصيحة، إذ كانت واجبة لإخواننا وأهل ملتنا، مع ما رجونا أن نكون مشاركين لكل من اقتبس منه وعمل بما فيه في دهرنا هذا وفي غابره إلى انقضاء الدنيا، إذ الرب عزوجل واحد، والرسول محمد (صلى الله عليه وآله) خاتم النبيين واحد، والشريعة واحدة، وحلال محمد حلال وحرامه حرام إلى يوم القيامة (2) انتهى كلام الإمام ثقة الإسلام نور الله مرقده الشريف.