له من الرغبة والرهبة والخضوع والتقرب مثل ما يكون من العالم المستيقن. وقد قال الله عز وجل: ﴿إلا من شهد بالحق وهم يعلمون﴾ (١) فصارت الشهادة مقبولة لعلة العلم بالشهادة، ولولا العلم بالشهادة لم تكن الشهادة مقبولة.
والأمر في الشاك المؤدي بغير علم وبصيرة إلى الله جل ذكره إن شاء تطول عليه فقبل عمله وإن شاء رد عليه، لأن الشرط عليه من الله أن يؤدي المفروض بعلم وبصيرة ويقين كيلا يكونوا ممن وصفه الله تعالى: ﴿ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين﴾ (2) لأ نه كان داخلا فيه بغير علم ولا يقين، فلذلك صار خروجه بغير علم ولا يقين، وقد قال العالم (عليه السلام): " من دخل في الإيمان بعلم ثبت فيه ونفعه إيمانه ومن دخل فيه بغير علم خرج منه كما دخل فيه " وقال (عليه السلام):
" من أخذ دينه من كتاب الله وسنة نبيه صلوات الله عليه وآله زالت الجبال قبل أن يزول، ومن أخذ دينه من أفواه الرجال ردته الرجال " وقال (عليه السلام): من لم يعرف أمرنا من القرآن لم يتنكب الفتن.
ولهذه العلة انبثقت على أهل دهرنا بثوق هذه الأديان الفاسدة والمذاهب المستشنعة التي قد استوفت شرائط الكفر والشرك كلها. وذلك بتوفيق الله عز وجل وخذلانه، فمن أراد الله توفيقه وأن يكون إيمانه ثابتا مستقرا سبب له الأسباب التي تؤديه إلى أن يأخذ دينه من كتاب الله عز وجل وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله) بعلم ويقين وبصيرة فذاك أثبت في دينه من الجبال الرواسي، ومن أراد الله خذلانه وأن يكون دينه معارا مستودعا - نعوذ بالله منه - سبب له أسباب الاستحسان والتقليد والتأويل من غير علم وبصيرة، فذاك في المشيئة إن شاء الله تبارك وتعالى أتم إيمانه وإن شاء سلبه إياه، ولا يؤمن عليه أن يصبح مؤمنا ويمسي كافرا أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا، لأ نه كلما رأى كبيرا من الكبراء مال معه، وكلما رأى شيئا استحسن ظاهره قبله، وقد قال العالم (عليه السلام): إن الله عز وجل خلق النبيين على النبوة فلا يكونون إلا أنبياء،