بل أقول: قد صرح سلطان المحققين في الفصول النصيرية بأن مرادنا من القادر في حقه تعالى وفي حق العباد من تكون أفعاله منوطة بالداعي أي العلم بالعلة الغائية. وبوجه آخر: العبد يوجب أحد الطرفين لأجل ملاحظة العلة الغائية، لأن أحد الطرفين يجب بالنسبة إلى مجموع مركب من الفاعل ومن ملاحظة العلة الغائية ومن الإرادة ليلزم الإيجاب الطبيعي. وبوجه آخر: الضرورة قاضية بأنا متمكنون من الطرفين، فعلم أن الدليل الذي ذكره الفاضل الدواني يصادم البديهة، وكل ما هو كذلك باطل، فالدليل المذكور باطل.
وتحقيق توجه هذا النوع من الجواب مذكور في بحث المجهول المطلق من حاشية السيد الشريف العلامة على شرح المطالع (1). وأيضا لك أن تقول: يلزم من هذا الدليل أن يكون الله تعالى فاعلا موجبا بالذات وكون العبد مضطرا من جهته تعالى.
ومن تلك الجملة:
أن سلطان المحققين نصير الدين محمد الطوسي ذكر في الأمور العامة من التجريد: أن من خواص الإمكان الذاتي الحدوث (2) والشراح والمحشون حملوا كلامه على الحدوث الذاتي بمعنى أنه مسبوق بالغير سبقا ذاتيا لا على الحدوث الزماني بمعنى أنه مسبوق بالعدم في زمان ما (3) ثم تحيروا في إتمام ما ذكره في الإلهيات من قوله: والواسطة غير معقولة (4).
وأنا أقول: تحقيق كلامه أن قصده من الحدوث الحدوث الزماني، ودليله على ذلك مذكور في رسالته المصنفة في أصول الدين (5). وتوضيح المقام: أنه قد تمت ثلاثة براهين قطعية على امتناع وجود ممكن قديم:
الدليل الأول منها: مذكور في كتاب الأربعين للفخر الرازي (6) وفي الفصول النصيرية لسلطان المحققين (7) وفي غيرهما من الكتب الكلامية.
وملخصه: أنه لو وجد ممكن قديم لكان إيجاد الفاعل إياه في حال بقائه أو في