[فإن قلت: ينتقض الدليل الأول والثالث لوجود الواجب تعالى، فإنه غير متقدم على بقائه.
قلت: مبنى الدليل الأول والثالث على أن يكون الوجود المستفاد من الغير في حال البقاء يستلزم تعدد حصول شيء واحد. وأتم دليل سنح لي في هذا المقام أن هنا مصدرين متعديين: أحدهما إعطاء الفاعل للمعلول وجودا، وثانيهما حفظ أصل ذلك الوجود، وعندنا مقدمة بديهية، وهي أن مقتضى طبع المصدرين تقدم الأول على الثاني تقدما لا يجامع معه القبل البعد، سواء سمي بالتقدم الزماني أو بشبه الزماني أو بالدهري أو بغيرها من الأسماء. وقدم وجود الممكن يستلزم خلاف مقتضى طبعهما، لأن الحفظ حينئذ أيضا قديم.
وإن قلت: يرد على الدليل الثاني منع الانحصار في القسمين وسنده أن هنا قسما ثالثا اسمه استتباع الفاعل المعلول.
قلت: عند التأمل الدقيق يعلم قطعا] (1) [وتنقيح المقام] (2): أن التأثير قسمان: جعل شيء جعلا بسيطا سواء كان المجعول نفس الماهية أو وجودها أو اتصافها بالوجود، وحفظ المجعول. ومن المعلوم: أن المجعول إما حادث أو قديم، وجعل الحادث منحصرا في إخراجه من العدم إلى الوجود. والممكن القديم محتاج في الأزل دائما إلى الحفظ لأن بقاءه أزلي، وكل محتاج إلى الحفظ مستغن عن الجعل ما دام هو كذلك، فليتأمل.
ومما سنح لي في هذا المقام: أن نسبة المصادر المتعدية كالإيجاد وحفظ الوجود إلى (3) جميع الأوقات ليست على السوية، فيختص بوقت دون وقت، وكل ما هو كذلك حادث.
[ومما سنح لي أن طبع قسمي التأثير يقتضي تقدم أحدهما على الآخر قبلية لا تجامع القبل معها، سواء سمي بالزماني أو بشبيه الزماني، ولما كان بقاء الممكن