أن المعتزلة وأصحابنا قالوا: الضرورة قاضية باستناد أفعالنا إلينا. والأشاعرة استدلوا على بطلانها، والتزموا أن العباد ملجؤون في أفعالهم وأن الله عز وجل يخلق الحركات فيهم.
ومن تلك الجملة:
أن السيد الفاضل الشيرازي نقل عن الفارابي البرهان الأسد الأخضر الدال على امتناع التسلسل في جانب المبدأ مطلقا (وملخصه: أنه لو كانت سلسلة مترتبة غير متناهية من جانب المبدأ من أين يحصل واحد منها حتى يحصل منه الآخر) وادعى البداهة في أن العقل إذا لاحظ تلك السلسلة إجمالا يحكم بتلك المقدمة. والفاضل الدواني المشهور بين المتأخرين بالتحقيق منع هذه المقدمة.
ومن الواضحات البينات أن الحق ما نقله السيد الفاضل، وان ما ذكره الفاضل الدواني من المنع خلاف البديهة.
ومن تلك الجملة:
أن أفاضل المتأخرين زعموا أن النزاع بين المحققين من المتكلمين وبين
____________________
ولو كان ما اعتقده وألهم به حقا كان يجب على الله - سبحانه وتعالى - نشره بين عباده وإلهام الناس إلى تصديقه واتباعه حيث أهله الله لإنقاذ المؤمنين من الضلالة وهدايتهم بعد الغواية، وإلا فما الفائدة في إلهامه وتسخيره لهذا المطلب العظيم دون غيره من العلماء بعد هذه المدة الطويلة والجهالة العميمة؟ فما رأينا أثر ما تمدح به تعدى غيره ولا انتفع به منتفع ولا قبله سمع عاقل، بل كان سببا لنسبته للجهل وضعف العقل والدين. وقد حار الفكر وحصل السأم من تمدحات هذا المؤلف! ولا يدرك وجه القبح فيها ومن تكرار نسبة العلماء والفضلاء إلى الجهل وغير الحق وإفساد الشريعة. ولولا رجحان رد الخطأ أو وجوب دفع ما ربما يوجب الشبه عند ضعفاء العقول ما استجزت إثبات كلامه في صحيفة بعد أن حصل منه هذا الخروج الزائد في حق العلماء والمبالغة في الأمر القبيح المذموم أبلغ الذم: من تزكية نفسه بما هو أحق بالوصف بضدها.
وقد أطلنا الكلام في هذا المقام، ولكن عذرنا فيه ما حصل عندنا من زيادة الآلام عند وصوله في التعدي ومدح نفسه وتزكيتها إلى ما أوجب عدم الاحتشام.
وقد أطلنا الكلام في هذا المقام، ولكن عذرنا فيه ما حصل عندنا من زيادة الآلام عند وصوله في التعدي ومدح نفسه وتزكيتها إلى ما أوجب عدم الاحتشام.