له الحسنة وكتبت عليه السيئة وعوقب، وإذا بلغت الجارية تسع سنين فكذلك، وذلك انها تحيض لتسع سنين (1).
قلت: الوجوب جاء في كلامهم (عليهم السلام) بمعنى تأكد الاستحباب كثيرا في مواضع باب الأغسال. والشائع في كلامهم (عليهم السلام) إطلاق الفرض والفريضة بمعنى الوجوب المتعارف عند علماء الأصول، والجمع بين الأحاديث يقتضي حمل الوجوب على تأكد الاستحباب.] (2) ثم أقول: الخطاب الوضعي إذا تعلق بفعل الصبي أو المجنون أو بفعل البهيمة، قد يكون مقتضاه تعلق خطاب اقتضائي بمالك البهيمة، وقد يكون مقتضاه تعلق خطاب اقتضائي بعاقلة الصبي أو المجنون أو وليهما أو بمن يكون بيت مال المسلمين تحت يده، وقد يكون مقتضاه تعلق خطاب اقتضائي بالصبي أو المجنون إذا كملا. وتعيين تلك المقتضيات منوط بالسماع عن الصادقين (عليهم السلام) لا بهذه الاعتبارات الظنية الخيالية إلا عند من زعم أن الله تعالى لعدم تناهي (3) الأحكام الشرعية [وامتناع أن يودعها عند أحد لأجل ذلك] (4) ناطها بدلائل وربطها بأمارات ومخائل.
والشهيد الثاني (رحمه الله) سلك في كتاب تمهيد القواعد مسلك العامة في اصطلاحاتهم وقواعدهم وتعريفاتهم بأدنى تصرف فيها، ولما أراد تغيير عباراتهم عن نسقها بحذف أو بزيادة أو بتقديم أو تأخير قصرت عباراته في مواضع كثيرة عن إفادة المراد.
والعبارة الواضحة الغير القاصرة في هذا المقام ما ذكره الفاضل المدقق بدرالدين الزركشي الشافعي في أوائل شرحه لجمع الجوامع حيث قال: قول الفقهاء:
الصبي يثاب ويندب له، كله على سبيل التجوز عند الأصوليين، ولا يكون ندب ولا كراهة إلا في فعل المكلف، وهذا أمر مرفوع عنه عند الأصوليين، نبهوا عليه بقولهم:
" المتعلق بأفعال المكلفين " كذا قال المصنف، وسبقه إليه الهندي فقال الدليل على أنه لا يتعلق بفعل الصبي حكم شرعي الإجماع، فإن الأمة أجمعت على أن شرط التكليف العقل والبلوغ وإذا انتفى التكليف عنهم لفقد شرطه انتفى الحكم الشرعي