اسم للسورة. القول السادس أنها حروف مقطعة يدل كل واحد منها على معنى. ثم اختلفوا في هذه المعاني التي تدل عليها هذه الحروف على أقوال كلها متكلفة متعسفة. القول السابع أن معناها طوبى لمن اهتدى. القول الثامن أن معناها: طإ الأرض يا محمد. قال ابن الأنباري: وذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يتحمل مشقة الصلاة حتى كادت قدماه تتورم ويحتاج إلى التروح، فقيل له طإ الأرض: أي لا تتعب حتى تحتاج إلى التروح.
وحكى القاضي عياض في الشفاء عن الربيع بن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا صلى قام على رجل ورفع الأخرى، فأنزل الله (طه) يعنى طإ الأرض يا محمد، وحكى عن الحسن البصري أنه قرأ طه على وزن دع أمر بالوطء، والأصل طأ فقلبت الهمزة هاء. وقد حكى الواحدي عن أكثر المفسرين أن هذه الكلمة معناها:
يا رجل، يريد النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: وهو قول الحسن وعكرمة وسعيد بن جبير والضحاك وقتادة ومجاهد وابن عباس في رواية عطاء والكلبي غير أن بعضهم يقول: هي بلسان الحبشة والنبطية والسريانية، ويقول الكلبي: هي بلغة عك. قال ابن الأنباري: ولغة قريش وافقت تلك اللغة في هذا المعنى، لأن الله سبحانه لم يخاطب نبيه بلسان غير قريش انتهى. وإذا تقرر أنها لهذا المعنى في لغة من لغات العرب كانت ظاهرة المعنى واضحة الدلالة خارجة عن فواتح السور التي قدمنا بيان كونها من المتشابه في فاتحة سورة البقرة، وهكذا إذا كانت لهذا المعنى في لغة من لغات العجم واستعملتها العرب في كلامها في ذلك المعنى كسائر الكلمات العجمية التي استعملتها العرب الموجودة في الكتاب العزيز، فإنها صارت بذلك الاستعمال من لغة العرب، وجملة (ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) مستأنفة مسوقة لتسلية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عما كان يعتريه من جهة المشركين من التعب، والشقاء يجئ في معنى التعب. قال ابن كيسان: وأصل الشقاء في اللغة العناء والتعب، ومنه قول الشاعر:
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله * وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم والمعنى: ما أنزلنا عليك القرآن لتتعب بفرط تأسفك عليهم وعلى كفرهم، وتحسرك على أن يؤمنوا، فهو كقوله سبحانه - فلعلك باخع نفسك - قال النحاس: بعض النحويين يقول: هذه اللام في " لتشقى " لام النفي، وبعضهم يقول لام الجحود. وقال ابن كيسان: هي لام الخفض، وهذا التفسير للآية هو على قول من قال إن طه كسائر فواتح السور التي ذكرت تعديدا لأسماء الحروف، وإن جعلت اسما للسورة كان قوله (ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) خبرا عنها، وهى في موضع المبتدأ، وأما على قول من قال: إن معناها يا رجل، أو بمعنى الأمر بوطء الأرض فتكون الجملة مستأنفة لصرفه صلى الله عليه وآله وسلم عما كان عليه من المبالغة في العبادة، وانتصاب (إلا تذكرة) على أنه مفعول له لأنزلنا كقولك: ما ضربتك للتأديب إلا إشفاقا عليك. وقال الزجاج: هو بدل من لتشقى: أي ما أنزلناه إلا تذكرة. وأنكره أبو علي الفارسي من جهة أن التذكرة ليست بشقاء، قال: وإنما هو منصوب على المصدرية: أي أنزلناه لتذكر به تذكرة، أو على المفعول من أجله: أي ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى به، ما أنزلناه إلا للتذكرة، وانتصاب (تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلا) على المصدرية: أي أنزلناه تنزيلا، وقيل بدل من قوله تذكرة، وقيل هو منصوب على المدح، وقيل منصوب بيخشى: أي يخشى تنزيلا من الله على أنه مفعول به، وقيل منصوب على الحال بتأوله باسم الفاعل. وقرأ أبو حيوة الشامي " تنزيل " بالرفع على معنى هذا تنزيل، وممن خلق متعلق بتنزيلا، أو بمحذوف هو صفة له، وتخصيص خلق الأرض والسماوات