اتبعوك من سقاط الناس ومواليهم لنكون نحن أصحابك، فركن إليهم، فأوحى الله إليه (وإن كادوا ليفتنونك) الآية ". وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال: أنزل الله - والنجم إذا هوى - فقرأ عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذه الآية - أفرأيتم اللات والعزى - فألقى عليه الشيطان: تلك الغرانيق العلى، وابن شفاعتهم لترتجي، فقرأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما بقي من السورة وسجد، فأنزل الله (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك) الآية، فما زال مهموما مغموما حتى أنزل الله - وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى - الآية. وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس " أن ثقيفا قالوا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: أجلنا سنة حتى يهدي لآلهتنا، فإذا قبضنا الذي يهدي للآلهة أحرزناه ثم أسلمنا وكسرنا الآلهة فهم أن يؤجلهم، فنزلت (وإن كادوا ليفتنونك) الآية. وأخرج ابن جرير عنه في قوله (ضعف الحياة وضعف الممات) يعنى ضعف عذاب الدنيا والآخرة. وأخرج البيهقي عن الحسن في الآية قال: هو عذاب القبر. وأخرج أيضا عن عطاء مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: قال المشركون للنبي صلى الله عليه وآله وسلم كانت الأنبياء تسكن الشام، فمالك والمدينة؟ فهم أن يشخص، فأنزل الله (وإن كادوا ليستفزونك من الأرض) الآية. وأخرج ابن جرير عن حضرمي أنه بلغه أن بعض اليهود فذكر نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن عبد الرحمن بن غنم أن اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا إن كنت نبيا فالحق بالشام فإن الشام أرض المحشر وأرض الأنبياء فصدق النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما قالوا فتحرى غزوة تبوك لا يريد إلا الشام، فلما بلغ تبوك أنزل الله عليه آيات من سورة بني إسرائيل بعد ما ختمت السورة - وإن كادوا ليستفزونك - إلى قوله - تحويلا - فأمره بالرجوع إلى المدينة، وقال فيها محياك وفيها مماتك ومنها تبعث، وقال له جبريل سل ربك فإن لكل نبي مسئلة فقال ما تأمرني أن أسأل؟ قال (قل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا) فهؤلاء نزلن عليه في رجعته من تبوك. قال ابن كثير: وفى هذا الإسناد نظر، والظاهر أنه ليس بصحيح فان النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يغز تبوك عن قول اليهود، وإنما غزاها امتثالا لقوله - قاتلوا الذين يلونكم من الكفار - وغزاها ليقتص وينتقم ممن قتل أهل مؤتة من أصحابه. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله (وإن كادوا ليستفزونك من الأرض) قال هم أهل مكة باخراج النبي صلى الله عليه وآله وسلم من مكة وقد فعلوا بعد ذلك فأهلكهم الله يوم بدر ولم يلبثوا بعده إلا قليلا حتى أهلكهم الله يوم بدر، وكذلك كانت سنة الله في الرسل إذا فعل بهم قومهم مثل ذلك. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (وإذا لا يلبثون خلفك إلا قليلا) قال: يعني بالقليل يوم أخذهم ببدر، فكان ذلك هو القليل الذين لبثوا بعده.
سورة الإسراء الآية (78 - 81)