وهذا مما لا يختلجه الشك والريب، والكلام المذكور صريح في الكلية المذكورة، فلا مجال للتوقف فيه، وأما ايراده صحيحة عبد الرحمان في بطلان الكلية المذكورة، فقد ظهر جوابه من كلام علي بن إبراهيم المتقدم الدال على أن الفرع الملحق بأصله في هذا الباب إنما هو إذا كان مثله في كونه مكيلا أو موزونا مثل أصله والثياب ليست كذلك، كما صرح به فلا ورود لما أورده (قدس سره) هذا كله فيما:
يعمل من جنس واحد، كما تقدم في صدر المسألة، فلو كان من جنسين فإنه لا اشكال ولا خلاف فيما أعلم في جواز بيعه بهما، وينصرف كل جنس من الثمن إلى ما يخالفه من المبيع، ومن أجل ذلك لا يشترط مساواة جملة الثمن للمبيع قدرا، ولا يعتبر معرفة كل واحد من الجنسين، بل يكفي معرفة المجموع، ويجوز أيضا بيعه بأحدهما، ويشترط هنا زيادته على مجانسه زيادة تموله، بحيث يمكن فرض كونهما ثمنا في بيع ذلك الجنس الآخر لو بيع منفردا وإن قلت وفي حكم المعمول من جنسين ما لو ضم أحدهما إلى الآخر، وباعهما في عقد واحد وإن تميزا لتساوي الفرضين في العلة المسوغة للبيع والله العالم.
المسألة الرابعة اختلف الأصحاب في بيع الرطب بالتمر، بل كل رطب بيابسه، فقال الشيخ في النهاية: لا يجوز بيع الرطب بالتمر، مثلا بمثل، لأنه إذا جف نقص، ولا يجوز بيع العنب بالزبيب إلا مثلا بمثل، وتجنبه أفضل، وقال في الخلاف: لا يجوز بيع الرطب بالتمر، فأما بيع العنب بالزبيب أو ثمرة رطبة بيابسها مثل التين الرطب بالجاف، والخوخ الرطب بالقديد، وما أشبه ذلك فلا نص لأصحابنا فيه، والأصل جوازه لأن حملها على الرطب قياس، ونحن لا نقول به.
وقال في المبسوط: لا يجوز بيع الرطب بالتمر، لا متفاضلا ولا متماثلا على حال، وكذا الخبز لا يجوز بيع لينه بيابسه، لا متماثلا ولا متفاضلا، ثم قال في موضع آخر منه: بيع الرطب بالتمر لا يجوز إذا كان حرضا مما يؤخذ منه، فأما إذا كان تمرا موضوعا على الأرض فإنه يجوز، وأما بيع العنب بالزبيب، والكمثري الرطب