فإن فيه أولا ما قدمنا ذكره أن من الواجب الوقوف على ما دلت عليه الأخبار وافقت قواعدهم أو خالفتها، وعدم ظهور وجه الفرق بين هذه الصورة، وبين بيع الرطب بالتمر، من حيث حصول الزيادة الحكمية في الموضعين، وإليه أشار بقوله فتأمل في الفرق لا يدل على العدم، بل يمكن أن يجعل ما ذكره (عليه السلام) وجه فرق، بأنه وإن حصلت الزيادة الحكمية في ذلك الوقت، إلا أنه بعد صيرورة الحنطة دقيقا، وظهور الزيادة على ذلك الدقيق المقابل حسا، فإن هذه الزيادة تكون في مقابلة أجرة الطحن.
وثانيا أنه من الجايز عدم الالتفات إلى مثل هذه الزيادة الحكمية كما أشار إليه بقوله فلا ينبغي النظر إلى مثل هذه الزيادة في وقت آخر، بل المعتبر في الزيادة الموجبة للربا إنما هي الزيادة الحسية حال الكيل والوزن، وحينئذ يحمل تعليله (عليه السلام) على أنه تعليل اقناعي لرفع استبعاد المخالفين.
وأما مسألة الرطب بالتمر الموجبة لدخول الشبهة هنا فسيأتي الكلام فيها إن شاء الله تعالى ونقل الخلاف فيها، وبيان أن جملة من الأصحاب حملوا الأخبار الواردة فيها على الكراهة دون التحريم، وبعض الأصحاب قصر الحكم على مورد النص من الرطب بالتمر خاصة، فلا يتعدى إلى غيره.
وبذلك يظهر لك ما في قوله، مع أنه معتبر عندهم في الرطب والتمر، وبالجملة فالواجب الوقوف على النص والعمل به وارتكاب التأويل بما يرجع به إلى غيره من نصوص المسألة، وهو حاصل بما ذكرناه.
وبما أوضحناه يظهر لك أيضا ما في كلام المحقق المتقدم ذكره في شرح قول المصنف، " والشئ وأصله كالزبد والثمن واللبن، " حيث قال: قد مر بيانه وإن كان فيه تأمل من جهة عدم الاتحاد الاسم والخاصية، فلولا الاجماع