من الألفاظ المتشابهة، لوقوعها في الأخبار بمعنى التحريم تارة، وبمعنى الكراهة بالمعنى الأصولي أخرى، فالأخبار المذكورة غير صريحة في التحريم، فلا يمكن الخروج بها عن أدلة الجواز من الأصل، وعموم ما دل على جواز البيع كتابا وسنة، وخصوص موثقة سماعة ورواية أبي الربيع المذكورتين وكذا ما دل على صحة البيع مع تماثل الجنسين الربويين في الوزن مطلقا، وبذلك يظهر أن ما ذكر من أن هذه الروايات صحيحة لا تعارضها رواية سماعة ولا رواية أبي الربيع ليس في محله، لأنها وإن كانت صحيحة، إلا أنها غير صريحة في المطلوب لما عرفت، سيما مع اعترافهم في غير موضع بذلك، كما ذكرناه، فكيف يستندون إلى هذه الألفاظ في التحريم هنا، ومجرد كثرتها وتعددها وصحة أسانيدها لا تكون قرينة على التحريم.
والظاهر أنه لأجل ما ذكرنا اختار في الكفاية الكراهة، وفاقا للشيخ في كتابي الأخبار، وابن إدريس، وهو ظاهر الشهيد في الدروس، وأما تعدية الحكم إلى غير الرطب والتمر بناء على ثبوت التحريم فيهما، فهو مبني على حجية العلة المنصوصة، وفي ذلك كلام تقدم في مقدمات الكتاب في صدر مجلد كتاب الطهارة (1).
وكيف كان فالمسألة هنا لا تخلو من شوب الاشكال، والاحتياط مطلوب فيها على كل حال والله العالم.
المسألة الخامسة قد عرفت مما تقدم أنه من المقرر في كلامهم أن كل شئ وما تفرع منه جنس واحد، وكلما اشترك في الدخول تحت حقيقة من الحقايق فهو جنس واحد، فالعنب والتمر وما يخرج منهما ويتفرع عليهما جنس واحد، وهكذا الحنطة وما يتفرع عليها جنس واحد، ومنه الشعير كما تقدم ولحم المعز والضأن جنس واحد، لدخولهما تحت لفظ الغنم، والبقر والجاموس عندهم جنس واحد، لدخولهما تحت جنس البقر، والعراب وهي الإبل العربية، والبخاتي وهي الإبل الخراسانية جنس واحد والطيور عندهم أجناس فالحمام كله (2) جنس على قول.