أقول: ومما يدل على ما ذكره الشيخان من الأخبار التي طعن فيها هنا بأنها من الآحاد ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم (1) عن أبي عبد الله (عليه السلام)، " أنه قال في رجل قال لرجل: بع ثوبي هذا بعشرة دراهم فما فضل فهو لك فقال:
ليس به بأس ".
ورواه الكليني في الصحيح أو الحسن مثله.
وعن زرارة (2) في الصحيح قال: " قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) " ما تقول في رجل يعطى المتاع فيقول: ما ازددت على كذا وكذا فهو لك، فقال: لا بأس " وعن سماعة (3) عن أبي عبد الله (عليه السلام) " أنه سئل عن الرجل يحمل المتاع لأهل السوق، وقد قوموا عليه قيمة، ويقولون بع فما ازددت فلك؟ فقال:
لا بأس بذلك ولكن لا يبيعهم مرابحة " ورواه الكليني والصدوق مثله.
وعن زرارة في الموثق (4) عن أبي جعفر عليه السلام " قال: سألته عن الرجل يعطى المتاع فيقال له: ما ازددت على كذا وكذا فهو لك؟ فقال: لا بأس ".
وجملة من تأخر من الأصحاب تأولوا هذه الأخبار بالحمل على الجعالة، فيلزم ما عينه لذلك، قالوا ولا يقدح فيها الجهالة كما اعترض به ابن إدريس على كلام الشيخ، لأن الجهالة في مال الجعالة إذا لم يؤد إلى النزاع غير قادح كما سيأتي انشاء الله تعالى في بابه.
أقول: ومن المحتمل قريبا خروج هذه الأخبار مخرج وجوب الوفاء بالوعد، كما دلت عليه الآية والرواية، فيجب الوفاء به وفيه تأكيد لما ذكره الأصحاب، وبه يضعف ما ذكره ابن إدريس من كون الزيادة للتاجر، وإنما للدلال أجرة المثل.