ثم إن الشيخ في النهاية قال على أثر العبارة المتقدمة: فإذا قال الواسطة للتاجر:
خبرني بثمن هذا المتاع واربح علي فيه كذا وكذا ففعل التاجر ذلك غير أنه لم يواجبه البيع، ولا ضمن هو الثمن ثم باع الواسطة بزيادة على رأس المال والثمن، كان ذلك للتاجر، وله أجرة المثل لا أكثر من ذلك، وإن كان قد ضمن الثمن كان له ما زاد من الربح، ولم يكن للتاجر أكثر من رأس المال الذي قرره معه انتهى.
والأصحاب (رضوان الله عليهم) قد حملوا ذلك على أن التاجر لم يعين له شيئا كما في الصورة الأولى ولم يعقب كلام الدلال بما يدل على الرضا بما ذكره الدلال، بل سكت عن ذلك، وإلا فلو عقب كلام الدلال بما يدل على الرضا بما قاله وعينه، كان كما لو ابتدأه، كما لو قال لمن ذهب عبده: أرد عليك عبدك على أن لي نصفه أو ثيابه ابتداء منه، فقال المولي: نعم لك ذلك، فإنه يستحق ما عينه له.
وبالجملة فإنه في هذه الصورة لا بيع ولا جعالة، فلهذا وجب على التاجر أجرة المثل للدلال وعلى هذا يتم ويجتمع كلام الشيخ مع كلام الأصحاب والروايات الواردة في الباب من غير منافاة في المقام.
السادسة: إذا قال: بعتك بمائة مواضعة العشرة درهما، قال في المبسوط: يكون الثمن تسعين، وقال في الخلاف اختلف الناس فيها، فقال أبو حنيفة والشافعي: تسعون وعشرة أجزاء من أحد عشر جزء من درهم، وقال أبو ثور: تسعون، ثم قال:
دليلنا ما ذكره حذاق العلماء وهو أن البيع مرابحة ومواضعة، فإن باعه مرابحة، ربح درهم على كل عشرة كان مبلغ الثمن مائة وعشرة وكان قدر الربح جزء من أحد عشر جزء من الثمن، وجب أن يكون المواضعة حط جزء من أحد عشر جز عن الثمن، وإذا كان مائة حطت منه جزءا من أحد عشر جزء، ينحط تسعة، من تسعة وتسعين، ويبقى درهم ينحط منه جزء من أحد عشر.