وأما صحيحة منصور بن حازم وصحيحة محمد بن مسلم فالقول فيهما كذلك أيضا، فإن المبتاع فيهما مطلق، شامل باطلاقه للمكيل والموزون وغيرهما، والواجب تخصيصهما بما عدا المكيل والموزون، كما أفصحت به صحيحة منصور ابن حازم التي هي أول تلك الأخبار، من قوله (عليه السلام) " إذا اشتريت متاعا فيه كيل أو وزن " إلى آخره، فإنها قد فصلت بين المتاع المكيل والموزون وغيرهما، وبه يجب الحكم على اطلاق الخبرين المذكورين.
ونحوها صحيحة الأخرى وغيرها، وبه يتأكد ما أوردنا على قوله " وعدم الخروج عن قانون وقاعدة ".
وأما صحيحة محمد الحلبي وصحيحة محمد بن مسلم الواردتان في بيع الثمار فهما ليسا من محل البحث في شئ، حيث أن الظاهر من الأخبار من المكيل والموزون هنا إنما هو ما أمكن كيله ووزنه بالفعل، لا بالقوة، قريبة أو بعيدة، والثمرة إنما هي من قبيل الثاني، مع أنهما أخص من محل البحث، ومعارضتان بموثقة سماعة المتقدمة.
وبذلك يظهر ما في قوله " ولا يخفى أن الثمرة مكيل " فإنه إن أراد بالفعل فهو ليس كذلك، كما هو ظاهر لكل ناظر، وإن أراد بالقوة فهو ليس محل البحث الذي دلت عليه الأخبار.
وأما رواية أبي بصير وقوله (عليه السلام) فيها " ما يعجبني " فهو أعم من التحريم والكراهة، وهذا اللفظ يساوق قولهم في مواضع " ما أحب " الذي قد وقع استعماله في التحريم في مواضع، وسياق الخبر إلى آخره ظاهر في ذلك.
وبذلك يظهر ما في قوله " وهذه صريحة في الكراهة "، وما أدري من أين حصلت له هذه الصراحة مع الاجمال في اللفظ المذكور، ودلالة السياق على ما ذكرنا من التحريم، وأن سياق هذه الرواية سياق الروايات الصريحة في التحريم بالنهي