أقول: ما ذكره شيخنا (قدس سره) من عدم الفرق هنا بين المدة القصيرة والطويلة هو المشهور في كلام الأصحاب، ونقل عن ابن الجنيد أنه منع من أقل من ثلاثة أيام في السلف، ومن أكثر من ثلاث سنين مطلقا.
والذي وقفت عليه هنا من الأخبار ما رواه في الكافي عن أحمد بن محمد (1) " قال: قلت لأبي الحسن (عليه السلام): إني أريد الخروج إلى بعض الجبال فقال:
ما للناس بد من أن يضطربوا سنتهم هذه، فقلت له: جعلت فداك إنا إذا بعناهم بنسيئة كان أكثر للربح، قال: فبعهم بتأخير سنة، قلت: بتأخير سنتين؟ قال: نعم، قلت بتأخير ثلاث؟ قال: لا ".
وما رواه عبد الله بن جعفر الحميري في كتاب قرب الإسناد عن أحمد بن محمد ابن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر (2) " أنه قال لأبي الحسن الرضا (عليه السلام) إن هذا الجبل قد فتح على الناس منه باب رزق، فقال: إن أردت الخروج فاخرج فإنها سنة مضطربة، وليس للناس بد من معاشهم، فلا تدع الطلب، فقلت: إنهم قوم ملاء ونحن نحتمل التأخير فنبايعهم بتأخير سنة؟ قال: بعهم، قلت: سنتين؟ قال:
بعهم قلت: ثلاث سنين؟ قال: لا يكون لك شئ أكثر من ثلاث سنين ".
ولعل ابن جنيد استند إلى ذلك، وإن كانت أقواله في جل الأحكام بعيدة المدا عن أخبارهم (عليهم السلام) والظاهر حمل الخبرين المذكورين على الكراهة لما يستلزمه من طول الأمل، أو من حيث صعوبة تحصيله بعد هذه المدة الطويلة، لما هو معلوم من أحوال الناس في ثقل أداء الدين، ولا سيما بعد أمثال هذه المدة.