بما يراه ويعلم؟ لا كلام ولا شبهة في تعين الأمر الثاني حسب الفطرة والعقل، فعلى هذا تنحل المعضلة، وتصير النتيجة: لزوم الإخبار بأنه لا ريب فيه، لما يرى أنه لا يشتمل على أدنى مرية، فيكون الظهور الثابت باقيا على حاله، ويتعين الأخذ به.
وتوهم: أن الظهور في الجملة الإخبارية ممنوع، فاسد جدا، ولا سيما بعد الإخبار بأنه هدى للمتقين، كما لا يخفى، ولو قلنا بأن كلمة " لا ريب " خبر، وتكون القضية موجبة معدولة لا سالبة محصلة، فيكون أوقع في نفي الريب، لظهور الآية في الحمل الأولي، ويصير مفهوم الكتاب ومفهوم اللاريب واحدا، فافهم واغتنم.
البحث الرابع حول اتصاف الكتاب بالهدى مقتضى ما تحرر في بحث القراءة: أن الآية ظاهرة في أن الكتاب نفسه الهدى ضد الضلالة، لا أنه فيه الهدى، ومن هذا الحمل المواطاة يستفاد أن المقصود إفادة الاتحاد: إما بنحو الحقيقة الأولية، أو الحقيقة الثانوية المعبر عنها بالمجاز والادعاء، وحيث لا سبيل إلى الأول يتعين الثاني، وقد مر أن الدعوى لا تصح إلا بالمصححات العقلائية، ولكنها هنا واضحة، أو يكفي لذلك كون المتكلم في مقام إفادة المبالغة، وأن الاهتداء بهذا الكتاب يبلغ إلى حد يصح أن يقال: هذا الكتاب هو الهدى. وهذا من