علم الأسماء والعرفان اعلم أنه قد اشتملت الفاتحة الشريفة على كيفية سلوك أصحاب الإيقان وأرباب الانس والعرفان، وقد أشير سابقا إلى أنها تضمنت الأسفار الأربعة وإلى قوله: * (إياك نعبد وإياك نستعين) * تم السفر من الخلق إلى الحق، لأن السالك قد ترقى من التجليات الأفعالية إلى الصفاتية والذاتية، وخرج من الحجب الظلمانية والنورانية، ودخل في مقام الحضور ومشاهدة النور، ونال مالا يناله غيره، فإذا حصل له الفناء الذاتي والاستهلاك التام بغروب أفق العبودية وطلوع سلطنة المالكية مترنما ب * (مالك يوم الدين) *، وبعد تلك الحالة الخاصة المحوية استشعر الحالة الطارئة الصحوية، فأدرك الإنية، واستقر هنيئة، إلا أن هذا الإدراك تبع إدراك الحق، لأنه راجع من الحق إلى الخلق، بخلافه في مبدأ السير، فإنه من الخلق إلى الحق، فكان التوحيد تبعا لدرك الكثرة والأنانية.
وإن شئت قلت: في السفر إلى الله كان يرى الحق في حجاب الخلق، وفي الرجوع من هذه السفرة يرى الخلق في حجاب الحق،