البحث الثالث حول كون الكتاب هو الهدى ربما يشعر حمل الهدى على الكتاب ودعوى أن الكتاب هو الهدى بأن هداية كل شئ بالكتاب، وهداية الكتاب بنفس ذاته، وأن عنوان الهداية ينتزع من الكتاب، ويكون خارج المحمول له، لا المحمول بالضميمة، ويكون بينهما التساوق لا الترادف، فكما يصح حمل الوجود على الوحدة، والنور على الكتاب، كذلك يصح حمل الهداية، لأنها هو حقيقة وإن اختلفا مفهوما وعنوانا، وهذا لأجل أن كل ما بالعرض لابد وأن ينتهي إلى ما بالذات، وإلا لتسلسل، فما هو به هداية الأشياء هو الكتاب، ولكن الكتاب هداية بنفس ذاته، فيصح الحمل الهوهو، حسب ما اصطلحوا عليه في الكتب العقلية.
ومن هنا يتجه أن يقال: إن ما هو الهداية بالذات لو كان نفس هذه الخطوط والنقوش - المسطورة على صفحات من القراطيس - لما كان الحمل المزبور في محله إلا عند طائفة خاصة، كما أشرنا إليه في البحوث السابقة.
فما هو الكتاب الذي هو نفس الهداية، ويصح نفي الريب المطلق عنه، لابد وأن يكون طورا آخر من الكتاب، وكثيرا ما يستكشف خصوصية الموضوع من الأحكام الخاصة المترتبة عليه، فما هو مورد نفي الريب