أو ينحصر جواز الاستعانة بالغير في المسائل الراجعة إلى المشافهة والمخاطبة مع المستعان والمقابلة معه في الخارج، كما إذا استعان زيد بعمرو في عمل، وأما إذا انقطع من عمرو ويرى أنه لا يتمكن من مأموله ومقصوده، فلا يجوز أن يرفع يده إلى غير الله من الأموات أو الأحياء الغائبين، عند المعتقد استماعه لدعائه، أو غير ذلك من الوجوه العرفانية والعقلية التي شرحناها في محلها، من أنه لا تقع الاستعانة - حسب التكوين - بغير الله تعالى وغير ذلك، فافهم وتدبر جيدا.
المسألة الثالثة حكم أخذ الواسطة في العبادة قد عرفت منا فيما سبق جواز الإنشاء بالقراءة وفي الصلاة، وأن السالك له أن يحمد الله ويمدحه، ويخاطبه ويبرز ما في ضميره، ويظهر ما في قلبه ودركه بتلك الجمل الشريفة الإلهية القرآنية.
وأيضا قد سبق أن أشرنا: إلى أن المخاطبة بمعناها الحرفي، وهو إيجاد الخطاب إلى الغير يستتبع تصوير المخاطب، ولا يعقل خلاف ذلك، لا في الشعر ولا في النثر، لا في النوم ولا في اليقظة، فجميع الخطابات تستعقب المخاطبات المرسومة في النفوس.
فعند ذلك فهل تتعلق العبادة والاستعانة بذلك، أم تكون تلك الصورة فانية في الخارج، ويؤخذ اسما وحاكيا ومرآة لما فيه، ومسلكا وسبيلا