دعوى الانحصار من غير كونه انحصارا واقعا، أي لا يدل الأسلوب حسب القواعد العربية على الانحصار، ولكن على السالك المترنم بتلك الأثنية البليغة، وهذه المحامد الكثيرة، أن يدعي حصر عبادته فيه تعالى، وهكذا حصر الاستعانة.
نعم في الجملة الأولى هو هكذا واقعا، وفي الثانية هو الادعاء ولا واقعية له، لصحة الاستعانة بالغير، ولو قلنا: إن العبادة هي التذلل المطلق - كما مر تحقيقها - فيجوز ذلك لغيره أيضا، ولكن على العبد السالك يجب - بحسب عشقه له تعالى - انحصارهما فيه وإن لم يكن الأمر كذلك واقعا.
الأمر الرابع في وجه الإتيان بضمير الجمع في قوله: " نعبد " فهل هو لأجل التأدب عن عد نفسه لائقا لمقام العبودية، أو لأجل أن العبودية صفة مشتركة في جميع ما سواه، فلا وجه للانفراد والاختصاص، أو لأجل التشرف بضم عبادته إلى عبادة غيره من الصالحين، واستعطافا بذكرهم مع نفسه، واحترازا عن الدعوى الكاذبة بطريق تغليب عبادات المخلصين على عبادته في دعوى الإخلاص، فيكون صادقا في تلك الدعوى، لأجل صدقهم؟
وبعبارة أخرى: لأجل الإرشاد إلى ملاحظة القارئ دخول الحفظة،