أن مفاد هذه الآية ليس الوجوب حتى يخصص أو ينسخ، بل هي تفيد أصل المطلوبية، وهو باق بعد، وفي اشتمال الكتاب الإلهي على النسخ كلام يأتي في محاله إن شاء الله تعالى.
وغير خفي: أن أقوال المفسرين - كابن عباس وغيره - لا تقاوم رواياتنا الصادرة عن أئمتنا المعصومين (عليهم السلام)، لأنهم أهل البيت، وهم أدرى بما فيه.
وعلى مسلك الفقيه الأصولي إنهم * (يؤمنون) * إيمانا ما بغيب ما، ويأتون بالصلاة إجمالا، * (ومما رزقناهم ينفقون) *.
وبعبارة أخرى: هذه الآية في مقابل الكافر والمنافق، فإنهما لا يؤمنون بالغيب ولا يصلون ولا ينفقون، ولا يعطون الزكاة أو سائر حقوق الفقراء.
وأما المتقون فهم المؤمنون بالغيب ويصلون ويعطون الزكاة، من غير كونها في مقام الإطلاق والعموم.
نعم بناء على كون العمومات غير محتاجة إلى مقدمات الحكمة، يثبت العموم الأفرادي، وهو غير بعيد، وأما الإطلاق من سائر الجهات فلا يثبت بمثلها، ومن أجل الأخذ بالقدر المتيقن واقتضاء السياق لا يبعد دعوى تعين الجملة الأخيرة في الزكاة، لأن الآية - مضافا إلى عدم ثبوت الإطلاق - لها كأنها في موقف الإجمال، ولا شبهة في أن المنافقين والكفار ينفقون، ولا ينفقون الزكاة، فيكشف بذلك أن المقصود هي الزكاة. والله العالم.