النفس المظلم ولا من سجن الطبيعة، فتوغلوا في أحكامها، وانغمروا في المادة ولواحقها، ودون * (الضالين) * الذين تحيروا في الطرق وفي الأسفار، فلم تدركهم العناية الإلهية بالرجوع من الوحدة إلى الكثرة، وهكذا لم يتمكنوا من السفر إلى المراحل المتقدمة على تلك الوحدة، فإنهم وإن لا يكونوا من * (المغضوب عليهم) *، لكنهم لا يعدون من المنعم عليهم أيضا، فمن سافر في السفرة الأولى والثانية والثالثة يعد من * (الضالين) *، ومن لا يسافر ولا يتمكن من هذا السير المعنوي مغضوب عليه، ومن شرع في السفرة الأخيرة بالرجوع إلى الكثرة من غير حجاب الوحدة، فهو من المنعم عليهم.
وعلى مسلك بعض المتصوفة * (صراط الذين أنعمت عليهم) * بعدم التوجه إلى ذواتهم وصفاتهم وأفعالهم وآداب القراءة، دون من كان متوجها إليها وغير مؤدب بتلك الآداب، ودون * (الضالين) * الذين يتوجهون إلى شؤونهم ومؤدبون بالآداب القلبية والقالبية.
وفي تعبير آخر: * (صراط الذين أنعمت عليهم) * بالولاية المخرجة له إلى فعلياتها الإنسانية، والفعليات الإنسانية من مراتب الولاية، والآثار الصادرة واللازمة من فعلياتها الإنسانية من التوسط في الأمور المذكورة، وهكذا الأعمال المعينة على الخروج المذكور، إنما هي نعمة باعتبار اتصالها بالنعمة التي هي الولاية، ولما كان المنعم عليهم بالولاية،