الآية الشريفة، وذلك لأن قوله تعالى: * (يؤمنون بالغيب) * ربما كان ناظرا إلى ما جاء به الإسلام ورسوله، أو يكون ناظرا إلى أن الذين يأتون بعد ذلك يؤمنون بالغيب، وهو وجود الرسول الأعظم وما شابه ذلك، فلا تدل على وجود الأمور غير المحسوسة، الغائبة عن الأبصار والأسماع المادية، واعتقادنا بأعمية الغيب لا يكفي لإبطال مرامهم.
وتوهم: أن الإيمان لا يكون إلا الاعتقاد، وهو لا يتحقق إلا بالتجرد (1)، فهو كلام متين، ولكنه خارج عن حدود الآية دلالة، وإني قد كررت في الكتاب أن المفسرين خلطوا وأدخلوا المسائل الكثيرة في كتبهم التفسيرية، لمناسبات بعيدة وخارجة عن نطاق الآية ودلالتها، ضرورة إمكان تفسير بعض العقائد العربية والعجمية على وجه يذكر ذيلها جميع الحقائق والمعارف والأحكام وغيرها وسيظهر في محاله ما تدل من الآيات الشريفة على وجود العوالم المجردة التي هي أوسع من العوالم المادية بما لا يقاس ولا يحاسب إن شاء الله تعالى.
البحث الثاني حول الإيمان الثابت وعمومية الحركة هذه الكريمة الشريفة في موقف مدح المتقين، ولا يكون الإيمان بالغيب مدحا إلا إذا كان باقيا ثابتا، والإيمان الحادث آنا ما، والزائل بعد ذلك