فعلى هذا كلمة " إياك " موضوعة للخطاب وآلة يخاطب بها، وليست موضوعة لنفس المخاطب جدا، فتكون هي حرف الخطاب كسائر الحروف.
ومما يؤيد ما سلكناه في المسألة السابقة: أن هذه الكلمة لا يؤتى بها إلا في موضع لا يمكن الإتيان بالمتصل - مثلا - يقال: * (إياك نعبد) * ولا يقال: نعبد إياك، لإمكان قولهم: نعبدك، فمنه يعلم أن ما هو الضمير هو الكاف، وكلمة " إيا " ليست إلا للعماد والاعتماد، فليتدبر جيدا.
المسألة الثالثة معنى " نعبد " العبدية والعبودية والعبودة - بضمها - والعبادة - بالكسر -:
الطاعة.
وقال بعض أئمة الاشتقاق: أصل العبودية الذل والخضوع، وقال آخرون: العبودة: الرضا بما يفعل الرب، والعبادة فعل ما يرضى به الرب.
وقيل: الأول أقوى، فلهذا قيل: تسقط العبادة في الآخرة، لا العبودة، لأن العبودة أن لا يرى متصرفا في الدارين - في الحقيقة - إلا الله.
قال بعض المشايخ: هذا ملحظ صوفي لا دخل للأوضاع اللغوية فيه. انتهى ما أردنا نقله من " تاج العروس " (1).