المتأخرة قرينة على المراد.
والذي هو الأنسب بالبلاغة والفصاحة: أن توصيف " الذين " بغير المغضوب عليهم غير لائق بالكتاب العزيز، وغير مساعد عليه في الذوق السليم، ولذلك ترى في تراجم القرآن باللغة الفارسية، أن الجملة تفسر بصورة الاستثناء، ويشكل التخصيص، وهذه الجملة وإن كانت وصفا نحويا، ولكنها في حكم الاستثناء حسب الأدب العالي والبلاغة الكاملة، ولكن لنا الالتزام بأنه من قبيل الاستثناء المنقطع، ولا يكون له المستثنى منه.
وإن شئت قلت: ترجع الآية الشريفة إلى هذا: " اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم، لا صراط المغضوب عليهم ولا الضالين "، ولو كانت جملة " غير المغضوب عليهم " وصفا واقعا، للزم كون هذه الجملة حملية، وجملة " ولا الضالين " سلبية، كما أشرنا إليه في البحوث الماضية، وهذا التفكيك لا تساعد عليه البلاغة ووحدة الأسلوب، فالإتيان بكلمة " غير " إيماء إلى هذه النكتة، وهو إفادة: أن المطلوب هو الصراط المستقيم الراسخ غير المتزلزل بطرو الغضب عليه والضلال.
المطلب الخامس حول استناد النعمة إليه تعالى دون غيرها من الأمور الملحوظة في هذه الآيات الشاهدة على نهاية بلاغة الكلام: أن النعمة استندت إليه تعالى وأن المنعم عليهم لا تكون النعمة