الله مع أن العابد يعبد على ثنائه وكماله؟! وإذا اعترف وأقر بأن جميع المحامد والكمالات له تعالى، فكيف يتمكن من الغفلة عن التوحيد الأفعالي حتى تكون استعانته بغيره، فإذا كانت إعانة الغير بإمداد إلهي وغيبي وإفاضة ربانية دائمية، فلا تقع الاستعانة من الغير إلا برجوعها إلى الاستعانة بالله تبارك وتعالى.
وعلى مشرب العرفان * (إياك نعبد) * مخاطبا إياه بكل جلوة وجاعلا كل شئ وجهة نظره، فانيا فيه، بل لو استجلى قلبه بجلوة التوحيد الذاتي، وأن ليس في الدار غيره ديار، فلا يتوسط بين المعبود الصوري والمعبود الحقيقي شئ حتى نتوسل إلى وسيلة الإرجاع.
والأمر هنا صعب مستصعب لا يتمكن العارف من الصحو به، ولا من السهو عنه، * (وإياك نستعين) * ولا تكون الاستعانة في كل موقف إلا به جل وعلا، من غير حاجة إلى التوسيط وجعل الفيض وسطا، ولا إلى التوحيد الأفعالي. والله العالم بحقائق الأمور.
وعلى مسلك المنصف الخبير البصير أن كل آية قابلة لأن يشاهد السالك محبوبه فيها، ويعاين القارئ العزيز مطلوبه عليها، فإذا كان من العوام ومن حولهم من سائر العقلاء فيخاطب الله حسب ما يدرك ويفهم، وإذا بلغ إلى مرتبة العالمين بالله