الذلة والخضوع والخشوع، فلا معنى لأن تتعدى هذه المواد بالحروف، لأن اللزوم والتعدي من طوارئ المعاني، لا الألفاظ بالضرورة، فيعلم من ذلك عدم الترادف بينهما رأسا.
اللهم إلا أن يقال: إن العبادة ليست متعدية، لجواز أن يقال: عبدت لك. هذا، مع أن العبودية ليست فعلا صادرا من الفاعل، ومتجاوزا عنه، وقائما بالغير وبالمعبود، فتفسير اللغويين في غير محله، فليتدبر جيدا.
المسألة الرابعة معنى " نستعين " العون: الظهير على الأمر، واستعنته واستعنت به، فأعانني إعانة، أي طلب منه الاستعانة وأجابه. والاستعانة لا تتعدى بنفسها، وما في كتب اللغة من إتيانها متعدية بنفسها، غفلة عن حقيقة المعنى، وكأن نظرهم إلى جواز حذف حرف التعدية، كما في قولهم: جاءني زيد * (وجاؤوا أباهم عشاء يبكون) * (1)، فإن حرف الجر محذوف في الجملتين بالضرورة، فقوله تعالى: * (إياك نعبد وإياك نستعين) *، في قوة معنى نستعين بك، أو بك أستعين، فيكون حرف الجر محذوفا، ويشهد لذلك قوله تعالى: * (واستعينوا بالصبر والصلاة) * (2)، * (استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين) * (3)، * (قال