وإن شئت قلت: قد تضمنت سورة البقرة أحوال المؤمنين والكافرين والمنافقين في عدة آيات، وهذه الآيات ناظرة إلى حال المؤمنين في حذاء الكفار والمنافقين، فكما لا عموم في الآيات الآتية، وتكون قضايا طبيعية، وفي حكم المهملة، كذلك الأمر في هذه الآيات.
وعلى مسلك جمهور المفسرين المتأخرين كالطبري (1) وغيره: أن الآية لها عموم ولا اختصاص لها بشئ خاص من المذكورات في كلمات القدماء منهم، كابن عباس وغيره مما مر في المباحث السابقة.
وقريب منه: أنهم * (يؤمنون) * في غيابهم وحضورهم، أو يؤمنون ويتخذون الغيب والاعتقاد به أمنا ومأمنا، أي يصيرون في أمن لأجل الغيب أمنا من العقبات الآتية، ومن العقوبات في البرازخ والقيامة، * (ويقيمون الصلاة) * واجبة كانت أو مستحبة، ويديمونها ويداومون عليها، أو يعدلونها بتعديلات الشرع والعقل، ويواظبون عليها ويحافظون على أوقاتها، على اختلاف تعابيرهم في كتبهم التفسيرية.
* (ومما رزقناهم ينفقون) *، زكاة كانت، أو نفقة العيال، واجبة كانت أو مستحبة أو غير ذلك، خلافا لبعض منهم ممن توهم الاختصاص هنا وفي ناحية الصلاة، كما مر.