البحث الثاني حول كون القرآن وحيا أو نازلا ربما تشعر هذه الآية الشريفة بمسألة عقلية: وهي أن الإنسان والنبي الأعظم الإلهي، بعد الاتصال بالغيب في الأسفار المعنوية، وبعد العود من السفر الثالث والتحقق بالسفر الرابع - حسب ما تقرر في سورة الفاتحة كيفية تلك الأسفار (1) - يكون القرآن بحسب الحقيقة والرقيقة نازلا عليه بتوسط الأمين الإلهي، وحيث هو (صلى الله عليه وآله وسلم) في تلك اللحظة والحالة، تختلف نسبته إلى الأشياء حضورا وغيابا، يصح أن يترنم بقوله:
* (ذلك الكتاب) * بنحو الغيبة، إذ لا يعقل الغيبة والحضور بالنسبة إلى الحضرة الربوبية، ولكنه بالنسبة إليه في تلك النشأة الملكوتية ممكنة، فتلك الألفاظ والتراكيب المسماة بالكتاب والقرآن نازلة تلك الحقائق ومتحددة ومحدودة بتلك التراكيب بتوسط الحقيقة الأحمدية في مرتبة من مراتب بشريته. فيكون ما اشتهر من أن هذه التراكيب وحي وإيحاء في غير محله، بل ما هو الوحي أمر، وما هو نازل هذا الوحي في أفق الإنسان والإمكان أمر آخر، والله الواقف على أسرار آياته.
وبالجملة: من استعمال أمثال هذه الكلمات، يمكن - بنحو الكلي - استكشاف هذه المسألة العويصة العلمية، والله الهادي إلى الصواب.