وصيانة الكل عن الخرافات، فينفق ما عنده من الرزق المالي والروحي، والمعنوي والمادي، والظاهري والباطني، وكل شئ يتقوم به الموجودات، فإنه لابد وأن يبذل الخير كله في طريق الخير كله، حتى يقي غيره من الشر كله، فكما أن الجملة الأخيرة عامة شاملة، كذلك الإيمان بالغيب فيه المعنى الشامل، وإقامة الصلاة أيضا كذلك، ويستشم منه أن حقيقة الإيمان هو كونه مضافا إلى الغيب، وحقيقة العبادة هي الصلاة، كما أن حقيقة الإنفاق هو القيام بأمر الغير في إيصال الخير إليه بأي نحو أمكن. والله العالم بحقائق آياته الشريفة.
تنبيه علمي وتوضيح عياني: حول الاسم " المؤمن " و " الرازق " و " المنفق " إن من أسماء الجلالة " المؤمن "، ففي سورة الحشر * (لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن) * (1)، ومن الصفات الكمالية " المقيم " و " المديم "، ومن الأسماء الجمالية " الرازق " و " المنفق "، ففي سورة المائدة * (بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء) * (2)، من غير أن يلزم من إنفاقه نقصان في سلطانه، فهذه الآية الكريمة تمثل المثال الأعلى للرب المتعال، وأن العبد المهتدي بهداية القرآن يكون مظهرا لجميع الصفات الجمالية والجلالية، ويتجلي فيه الأوصاف الكمالية، فيشارك ربه في الإيمان والإقامة والإدامة والإنفاق، التي كلها من خصوصيات الواجب