المطلب الثالث حول عمومية النعم مقتضى إطلاق قوله تعالى: * (أنعمت عليهم) * - من غير تعيين أصل النعمة وكيفيتها وكميتها - عمومها، وهو صراط من أنعم الله عليه بأنواع النعم وأنحائها: الدنيوية والأخروية، والجسمية والروحانية، والمادية والمعنوية، والجزئية والكلية.
أو المراد هو العموم الأفرادي، أي صراط كل أحد أنعمت عليه أية نعمة كانت، ولو كانت قليلة دنيوية، ويسيرة غايتها، وحقيرة نهايتها، فيكون " المغضوب عليهم " و " الضالين " غير متنعمين بأية نعمة.
أم الظاهر أن " المغضوب عليهم " و " الضالين " ربما كانوا من المنعم عليهم بأنحاء النعماء الدنيوية، وربما كانت نعمتهم أكثر من غيرهم، فعلى هذا ينحصر أن يكون الحذف دليلا على أن النعمة المقصودة في المقام هي النعم الربانية الإلهية والروحانية المعنوية المنجية من بلايا الآخرة وعواقبها ومن تبعات الدنيا وطوارقها.
وقد حكي عن الشيخ البهائي: أن نعمه تعالى وإن جلت أن يحيط بها نطاق الحصر، كما قال تعالى: * (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) *، لكنها ثمانية أنواع، لأنها: إما دنيوية، أو أخروية، وكل منهما: إما موهبي، أو كسبي، وكل منهما: إما روحاني، أو جسماني. وهذا تفصيلها: