تعظيم المعبود غيره، كما أمرنا أن لا نستعين بمن دونه، ولا نطلب المعونة - المتممة للعمل والموصلة إلى الثمرة المرجوة - إلا منه فيما وراء الأسباب التي يمكننا كسبها وتحصيلها، وأما فيها فنحن نحضر - مثلا - الدواء لشفاء المرضى، ونجلب السلاح والكراع ونكثر الجند لغلب العدو، ونضع في الأرض السماد ونرويها، ونقتلع منها الحشائش الضارة بالخصب وتكثير الغلة، وفيما وراء ذلك مما حجبه الله عنا من الأسباب يجب أن نفوض أمره إلى الله تعالى، فنستعين - حينئذ - به وحده، ونفزع إليه في شفاء مريضنا، ونصرنا على عدونا، ودفع الموانع السماوية والأرضية عن مزارعنا.
وعلى مسلك الفقيه قولوا: * (إياك نعبد) *، ونريد عبادتك ولا نريد عبادة غيرك، وإن تكن الإرادة لأجل الغير من الأمور الأخروية أو الدنيوية الراجحة، وفي تلك العبادة نستعين بك، ولا نستعين بغيرك.
وقريب منه: * (إياك نعبد) * خالصا، ولا نريد غيرك، ولا داعي إلا أنت، وأنت المستعان في كل الأمور، * (وإياك نستعين) * في جميع الأقوال والأفعال، إلا ما أجاز ورخص * (فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون والذين هم يراؤون ويمنعون الماعون) * (1)، فإن تعقيب الصلاة بالتحذير عن الرياء ومنع المعاونة، شاهد على عدم اختصاص في البين، وبطلان الصلاة إذا