فهو من التأويل الذي لا يعرفه إلا من خوطب به، وليس مفادها قصر المعنى في ذلك، بل مفادها أن ما هو بالحمل الشائع صراط إلى الله هو كذا وكذا.
وأما تفسيره بالجسر الممدود على الجحيم - كما في " القاموس " (1) وغيره - فهو غلط، لأنه ليس معنى آخر وراء السبيل والطريق، فلا يكون الصراط ذا وضعين: معنوي وشرعي، كما توهم.
ثم إن المعروف والمشهور عنهم: أن أصل الصراط هو السراط، وهو بمعنى اللقم والبلع، وكأنه يبتلع صاحبه أو كأن صاحبه يبلعه (2). انتهى.
وهل هذا إلا الجزاف؟! وما الداعي إلى هذا الانحراف عن الجادة السوية والصراط المستقيم؟! بل كل واحد - لغة - بمعنى واحد، من غير كون أحدهما الأصل والآخر فرعا، وكأنهم غفلوا عما تقرر منا في الأصول في كيفية حصول اللغات المترادفة (3)، مع أن التوجه إليها يعطي أن اختلاف تلك الحروف والكلمات لاختلاف القرى والقصبات، وبعد التمدن والاجتماع والتعايش المدني والاختلاط، تبادلت اللغات، فتوهم: أن في لغات كثيرة بمعنى واحد، مع أن الأمر ليس كما تخيلوه بالضرورة والوجدان.
تذنيب اختلفوا في أن الهداية هي إراءة الطريق، أو هي الإيصال إلى