المسألة الخامسة حول الإتيان بضمير الجمع قد أشرنا فيما سبق منا إلى نكتة الإتيان بضمير الجمع، وكانت هي:
أن من المحتمل إمكان الخروج عن المجاز إلى الحقيقة بذلك، فإنه إذا قال الهادي: اهدنا، وكان في الجماعة من الضالين المنحرفين والمعوجين، يصح طلب الهداية، ويكون المقصود اهتداء الناس مثلا، ولكن قد مضى بعض الوجوه الأخر الكافية عن التوصل بمثله للفرار عن المجازية.
فبقي سر الإتيان بالجمع، وقد سبق في وجه الإتيان به في جملة * (إياك نعبد وإياك نستعين) *، ونبهنا هناك إلى أن الناس والمشركين كانوا يعبدون الأصنام مجتمعين، ويستعينون بها في ذلك الاجتماع الحاصل منهم في الحرم، فبعد التوجه إلى الإسلام وترك الأصنام بالانصراف إلى الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، أخذوا في الترنم، وقالوا بلسان واحد: * (إياك نعبد وإياك نستعين) *، دون الأصنام والشياطين، وعلى هذه الهداية اهدنا الصراط المستقيم (1).
وغير خفي: أن جميع الوجوه التخيلية السابقة، واللطائف المزبورة فيما مضى، تأتي هنا، ولا نطيل الكلام بإعادتها.