المقام، وحيث إن " المنعم " من توابع اسم " القدير " الذي هو من الأمهات الأسمائية، فلا يكون بنفسه من الأوصاف الكمالية الذاتية، بل هو من الأوصاف الانتزاعية القهرية من غير لزوم نقص في الذات، ثم استكمال لها بذلك الوصف، وللمسألة طور آخر يطلب من محاله.
ولأجل أن النعمة عامة وخاصة - كنعمة الوجود وكمالاته الوهمية، وكنعمة المعرفة وكمالاتها الحقيقية - يكون هذا الاسم من الأسماء الرئيسة، بل في اعتبار جامعا للاسمين " الرحمن والرحيم "، ولكن قد عرفت عموم كل واحد منهما من قبل الذات المقدسة، وهكذا إنعامه بالكمالات الحقيقية عام من ناحية الذات الأحدية، وإنما الاختلاف في كيفية الاستعدادات والقوابل، * (أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها) * (1).
نقل وتحقيق: في إشارة السورة إلى الأسفار الأربعة قد اختلفوا في كيفية سير السالكين وسفر العارفين على تعابير مختلفة ومشاهدات متفاوتة. والذي مر منا هو الذي أفاض الله تعالى على قلب عبده في سالف الأزمنة - خلافا لزمرة أرباب التأليف ولما قيل في المقام - أن هذه السورة بأجمعها تشير إلى تلك السفرات المعنوية والأسفار الروحانية، وذلك لأن:
الاستعاذة إشارة إلى السفر من الخلق إلى الحق، لأن هذا السفر فرار من الكثرات ومظاهر الشيطان إلى عالم التوحيد ومظاهر الحق