تقييد الهداية في الأدعية والكتاب الإلهي - عند السؤال عنها - بالصراط المستقيم، فعلى هذا لا وجه لما قيل: إن قوله تعالى: * (فاهدوهم إلى صراط الجحيم) * (1) تهكم واستهزاء، لأنه خلاف الأصل.
تذنيب: حول باقي المعاني المذكورة للهداية ربما يتخيل: أن الهداية من معانيها اللزوم والتوفيق، توهما أن ذلك مفاد بعض الأخبار (2)، غافلين عن أن تلك الأخبار ليست بصدد توضيح المعاني الكنائية، كما يأتي تحقيقه. وأيضا أن الهداية هي الميل والتمايل * (إنا هدنا إليك) * (3)، أي ملنا، وفي الحديث: " خرج (عليه السلام) في مرضه يتهادى بين اثنين " (4)، أي يتمايل، ومنه " الهدية "، أي تمال من ملك إلى ملك، ومنه " الهدي " للحيوان الذي يساق إلى الحرم.
وعلى هذا إن قلنا: إن هذا المعنى الدلالة والرشاد واحد وله في الهداية تمايل إلى المهدي إليه فهو، وإلا فربما يمكن اختلاف الآيات من تلك الجهة، أي كما يمكن أن يكون * (إهدنا الصراط المستقيم) * طلب الرشاد والدلالة، يمكن أن يراد منه طلب الإمالة إلى الصراط المستقيم.