والمنتسبة إليه عز وجل في لسانه، لا تنتسب في لسان المخلوقين إليه تعالى في مقام الإنشاء وإبراز العبودية والخضوع، فلو فرض أن الأسلوب كان يقتضي عدم الالتفات من الخطاب إلى الغيبة في هذه المرحلة، ولكن الالتفات لأجل هذه النكتة ربما كان لازما، فإذا عظم الله تعالى العبد السالك بقوله: * (أنعمت عليهم) * فلا يناسب أن يتفوه بقوله:
" غير الذين غضبت عليهم وغير من أضللتهم " بصورة الخطاب.
وبعبارة أخرى: إسناد هذه الأمور إليه تعالى وإن كان صحيحا حسب ما يتراءى، ولكن ذلك الأدب في الكلام حين المخاطبة أولى بالمراعاة، مع ما سيمر عليك: أن الإتيان بصيغة المجهول والمفعول وبالاشتقاق، شاهد على أن الضلال منشؤه الضال، وأن المغضوبية نشأت من سوء سريرة العبد، ولا يستفاد من هذه الآية أن الغاضب عليهم هو الله تعالى أو هم بأنفسهم، وإن كانت صورة الغضب والضلال - بما أنهما من الصور الوجودية - مستندة في النظام الكلي إليه تعالى، بناء على كونهما من الموجودات، وإلا فالأعدام ليست مجعولة لأحد حتى تستند إلا مجازا وتوسعا.
المطلب السابع حول ما يقال في وجه تقديم " المغضوب عليهم " قد يقال في وجه تقديم " المغضوب عليهم " على " الضالين " وجوه:
أحدها: أن زمان المغضوب عليهم مقدم على زمان الضالين، لتقدم