التوجه عن المشار إليه والالتفات إلى المخاطب، وأما بالنسبة إليه تعالى وتقدس فلا يعقل ذلك، فلابد من كون جميع أمثال هذه الألفاظ على نعت الادعاء والحقيقة الثانوية، فتبصر تعرف.
البحث الثالث حول إطلاق " الريب " قضية ما تحرر في الأصول وفي علم البلاغة: أن كلمة لا النافية الداخلة على الألفاظ الموضوعة للأجناس، تفيد العموم، والمراد منه أن المنفي هو الجنس، وبانتفائه ينتفي جميع مصاديقه ومراتبه المتصورة والممكنة، وإلا فلا عموم اصطلاحي في قوله تعالى: * (ذلك الكتاب لا ريب فيه) * نعم قضية الإطلاق - بعد كون المتكلم في مقام إفادة نفي الريب كلا - هو أن جميع مراحل الريب في جميع النشآت، عن جميع مراتب الكتاب ومعانيه منتفية، وحيث قد عرفت أن الريب ضد اليقين، فكل شئ يعد خلافه، فهو منفي بالنسبة إلى الكتاب الإلهي، ظنا كان أو وهما أو شكا وتخيلا، بل الظنون الخاصة أيضا منتفية، لأنها خلاف اليقين والعلم.
ثم إنه يثبت العموم من جهة أخرى وهو: أن قضية حذف المتعلق أن المنفي هو الريب في أية جهة كانت، فلا ريب فيه من أنه إعجاز، ولا ريب فيه من أنه من عند الله، ولا ريب فيه من أنه محفوظ، ولا ريب فيه من صحته، وغير ذلك مما يمكن توجيه الارتياب إليه من النواحي